ابن خلدون وعلم الاجتماع

بسم الله الرحمن الرحيم

             وزارة التعليم العالي

  جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية  

      كلية العلوم الاجتماعية

 قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية

   الدراسات العليا – الدكتوراه

ترجمة لموضوع 

ابن خلدون وعلم الاجتماع

كتبها الأستاذ الدكتور إبراهيم بن مبارك الجو ير  

ترجمة و تقديم الطالبة

 مشاعل محمد الشعلان

المقدمة

عرف علم الاجتماع ببساطة على انه هو العلم الذي له علاقة بالمنظمات و التفاعل الاجتماعي.

العلم الذي يدرس التفاعل الاجتماعي و ما به من مؤسسات الاجتماعية هذا بالمعنى الواسع هو السلوك الاجتماعي للإنسان مع التأكيد على سلوك الإنسان في علاقاته بالآخرين.

ودراسة وظيفة كل مؤسسه من هذه المؤسسات و الكشف عن طبيعة العلاقة و التفاعل بين  الجماعات و المؤسسات الاجتماعية .

هذا غير المجالات الأخرى التي اكتشفت تشمل التاريخ علم الوجود نظرية المعرفة الجغرافيا الاقتصاد التعليم السياسة العلوم السياسية .

وعندما عرف علم الاجتماع أصبح التعريف أكثر دقة وهو تأثير الفكر الإنساني و المعرفة و الثقافة الناتجة عن المشاركة الاجتماعية و علم الاجتماع التاريخي يسعى لمعرفة العلاقات بين هذين المجالين .

هذا و عندما كون له قاعدة و توسعت المجالات استخدمت النظرية و المبادئ لهذا العلم و أصبحت تظهر في اغلب البيئات تشدد .

نظريات و مبادئ علم الاجتماع الغربي كانت نتيجة لسلسلة من المحاولات المفكرين و نسبة كبيرة من هذه المبادئ و النظريات تشكلت أول مرة في الغرب خلال عام 1820 إلى 1920 .

1. أوجست كونت 1798 _ 1857 وهو فيلسوف فرنسي.

2. اميل دوركايم 1858-1917 فيلسوف فرنسي وبعد ذلك عالم اجتماع .

3.  تارل ماركس 1818-1883 عالم اجتماع ألماني و منظر اقتصادي .

4. هربرت سبنسر 1820-1903 فيلسوف انجليزي .

5. ماكس فيبر 1864-1920 مؤرخ ألماني و فيلسوف و بعد ذلك عالم اجتماع .

حين كان علم الاجتماع في الحضارة الغربية في الربع الأخير من القرن العشرين تجسد من خلال هؤلاء المفكرين وغيرهم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر و الربع الأول من القرن العشرين كثير من هذه النظريات و المبادئ التي تشكلت من هؤلاء كانت موجودة في الحضارة الشرقية من قبل 400 سنة في عمل عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون الحضرمي المعروف بابن خلدون .

الغرض من هذا البحث هو تناول مساهمة ابن خلدون لعلم الاجتماع من

 خلال :

1. خطة ببليوغرافية لابن خلدون .

2. مقدمة للعمل الضخم لابن خلدون التاريخ الكلي و ملخص لمقدمته لهذا العمل , المقدمة.

3. تناول النظريات و المبادئ التي شكلها ابن خلدون و مقارنتها مع النظريات و المبادئ التي تشكلت بعد ذلك لكونت و دوركايم و ماركس و سبنسر و فيبر .

4. ملخص مدى الفهم لابن خلدون من قبل علماء الاجتماع و علماء التاريخ في الحضارة الغربية في النصف الأخير في القرن العشرين .

ابن خلدون التاريخ الشامل و المقدمة

عاش ابن خلدون ما بين 1332-1406 ما المجموعة أربعة و سبعون سنة عمله الضخم المقدمة للتاريخ الشامل شكلت وكتبت في أربع سنوات من 1375-1368 في هذا القسم يتناول المفكر ابن خلدون الفكر الاجتماعي .

في هذا القسم يتناول المفكر ابن خلدون الفكر الاجتماعي .

تناول تمهيد قصير لحياة ابن خلدون مع المقدمة في البحث في التاريخ و تمهيد قصير للمقدمة .

حياة ابن خلدون

ولد ابن خلدون في تونس شمال إفريقيا عائلته استقرت في شمال إفريقيا و اسبانيا لهذا تناول ابن خلدون تعليمة الأساسي و الذي يشمل :

1. تعلم القرآن و حفظة بالقرآت السبع .

2. درس النحو و الشعر .

3. درس القانون .

بكل هذه العلوم ابن خلدون دخل الخدمة المدنية في عمر عشرين سنة ككاتب لسلطان فاس المغربي .

و المناخ السياسي في شمال إفريقيا غير مستقر في ذلك الوقت و سجن ابن خلدون لمدة سنتين و خرج بعد أن ترجى السلطان في عام 1362 .

هاجر ابن خلدون لاسبانيا و أصبح سفيرا من ملك غرناطة إلى ملك قشتاله .

بعد ذلك في عام 1360 رجع ابن خلدون إلى شمال إفريقيا حيث أصبح وزيرا للجزائر و للتنويه كل المناصب السياسية في هذه المنطقة من العلم تعد مناطق رئيسية في عام 1375 تقاعد ابن خلدون و بين عامي 1375-1378 كتب مقدمته و التي تعتبر جزء من سبعة أجزاء من العمل .

في نهاية 1378 رجع ابن خلدون إلى تونس حيث يدرس و يحاضر ولكن غيرة بعض الدارسين و المتملقين اضطرته إلى أن يقرر الحج إلى مكة في وفي خلال رحلته توقف في القاهرة حيث استقبل بحفاوة و أصبح يدرس الدروس الدينية و بعد ذلك عين قاضي القضاة في مصر .

آخر مناصبه أثارت الحقد علية من قبل أصحاب المراتب في مصر بعد ذلك استاء و اضطر إلى إكمال رحلته إلى الحج في عام 1387.

بعد إتمام حجته رجع ابن خلدون إلى القاهرة ليعيش عيشة هادئة .

و في عام 1400 ولاه السلطان دمشق وظيفة قاضي المالكية و رافق السلطان إلى دمشق حيث كانت مهددة من التاتار و في أثناء عودته من هذه المهمة عين مرة أخرى قاضي المالكية في مصر حتى مماته في 1406 .

الوطنية لم تنشأ تماما في البحر الأبيض المتوسط خلال القرن الرابع عشر و لم تكن تعتبر غير عادية على مستوى الفرد لتستخدم في مختلف القضايا الدبلوماسية .

حقيقتا ابن خلدون كما أي مسلم آخر في هذا الوقت استمد ولاءه للإسلام وليس للقضايا الدبلوماسية الأخرى .

يعتبر كتاب ابن خلدون في التاريخ عملا ضخما ينم عن ذكاء مفرط و الذي يخدم نظرية التاريخ الإسلامي في القرن الرابع عشر و المقدمة كانت تعريف لبقية العمل و مقارنة أول سبع أجزاء من هذا العمل .

في المقدمة نمى ووظف المنهج التاريخي في :

1. أولا للتعامل مع فلسفة التاريخ .

2. ثم التعامل مع العمران البشري .

3. ثم التعامل مع التاريخ العلمي و الفن .

4. واخيرا تعامل مع التاريخ السياسي للشعوب بانواعها هذه الشعوب ليست جزء من المقدم ولكنها لتوازن التاريخ الشامل للعرب .

ذكر شارلز عيسوي جامعة أكسفورد سابقا و الجامعة الأمريكية في بيروت

عن طريق العرب المقدمة توضح قواعد المنهج في علم الاجتماع الإنساني و العمران البشري .

وفي المحتوى يبين القواعد العلم الاجتماعي يقول ابن خلدون الماضي يشبه الحاضر كالماء يشبه الماء لذلك علم الاجتماع هي دراسة الحاضر ووصل إلى أن علم العمران كضرورة لفهم التاريخ و يعد وصوله إليه نوع من الإلهام .

قال ابن خلدون ” مجاله الذي اختاره محاولة الوصول إلى الفكرة التي رأى انه لم يسبقه إليه احد من قبله و لقد سلك ابن خلدون في تأليف كتابه مسلكا غريبا لأنه جديد في بابه فريد في منهجه مكنه من الوقوف على أسرار المعرفة و هكذا كان قديرا على ابتداع علمه الجديد الذي لم يسبقه إليه عقل من قبل .

شارلز عيسوي : أضاف أن ابن خلدون لم يكن محظوظا في وقته و لكنه لو ولد قبل قرنين أو ثلاثة كانت كتاباته ترجمت إلى الايطالية مع كثير من الفلاسفة العرب من العلماء و التاريخيين و هؤلاء الذين اثروا في الفكر الأوروبي .

حين ذكر أن الفلسفة استمرت قرونا عديدة في روما و عدد من دول الفرنجة و قد اكتشفت أفكار ابن خلدون في الغرب متأخرة لذلك لم تؤثر أفكاره ولكن هناك بالطبع ما هو أكثر في الشرق ذكاؤه كان مطلوبا سواء أكان بن خلدون قادرا على تنمية علم الاجتماع في الغرب و تغيير الحقيقة بان عدد من النظريات و المبادئ العلمية لعلم الاجتماع في الحضارة الغربية كانت سابقة للنظريات و المبادئ والتي صاغها ابن خلدون من ما دعا بالمطالبة بان يكون الأب لعلم الاجتماع .

النظريات و المبادئ الاجتماعية التي صاغها ابن خلدون

النظريات و المبادئ التي صاغها ابن خلدون ستناقش مفصلة من خلال :

1. المجتمع .

2. الجغرافيا .

3. التغير الاجتماعي .

4. الاجتماع السياسي .

5. الاقتصاد الاجتماعي .

6. المنهج الاجتماعي .

كل مناقشة للنظرية و المبادئ التي صيغت من قبل ابن خلدون ستقارن مع نظرية ومبادئ مماثلة لها صيغت من قبل الحضارة الغربية فيما بعد .

المنظرين الغربيين هم كونت , دوركايم , ماركس , سبنسر , فيبر بالإضافة إلى منظرين آخرين مناسبين لهذه المناقشة.

المجتمع

ابن خلدون أوضح أن الظواهر الاجتماعية تظهر للضرورة الطبيعية و ليست مهيمنة كالظواهر الطبيعية و أن الظواهر الاجتماعية لا تتأثر بالظواهر الطبيعية فحسب بل تتأثر كذلك بظواهر اجتماعية من بيئتها .

إذا بدا ابن خلدون في هذا الصدد في دراسة العوامل التي ترجع إلى نشأة الحياة الاجتماعية وهي في نظرة ثلاثة عوامل :

الضرورة : ضرورة اقتصادية لان الفردي لا يستطيع أن يحصل على حاجاته إلا بالإنتاج .

ضرورة دفاعية لان الصراع الدائم بين البشر و الحيوانات أدى إلى الاجتماع و التعاون .

شعور فطري :فالإنسان مزود بشعور فطري تلقائي يدفعه إلى الاستئناس بأخيه الإنسان .

ميل الفرد و رغبته الخاصة في تحقيق فكرة الجمعية من اجل دفع عدوان الناس بعضهم عن بعض .

ومتى نشأ المجتمع على هذه الصورة يكون مسرحا لطائفتين من الظواهر.

الظواهر الطبيعية و المجتمع لا يخلقها و لا ينشئها ولكنه يجدها مستقلة عنه بطبيعتها فتؤثر فيه و يؤثر فيها و يخضع لنتائجها و يكيف نفسه تبعا لمؤثراتها و يرجع أهم هذه الظواهر إلى الوسط الطبيعي الذي يحيط بالمجتمع من بيئة وعوامل مناخيه

الظواهر الاجتماعية والمجتمع بصدد هذه الظواهر يوجدها وينشئها وقد فطن ابن خلدون إلى أن هذه الظواهر لا توجد منفصلة بل تكون كل متماسك الأجزاء وهي على أنواع منها الظواهر السياسية والاقتصادية و الأخلاقية و التربوية.

وكان ابن خلدون يرى أن الظواهر الاجتماعية لا تتأثر بالظواهر الطبيعية فحسب بل تتأثر كذلك بظواهر اجتماعيه من بيئتها .

بعد أكثر من سنة أوجست كونت ذكر أن الظواهر الاجتماعية ظواهر طبيعيه وبأنها تخضع لبعض القوانين الطبيعية.

النظام الاجتماعي يدار بالجماعات ولا يمكن أن يكون حسب أهواء الإفراد.

بعدها بحوالي 500 سنه اميل دوركايم عندما افترض أن التجمع الإنساني لا يوجد منفصلا  (بمعنى أنها تنشا بوحي من العقل الجمعي).

كان يدرس الظواهر الاجتماعية في حالة استقرارها وتطورها .

كونت بعد 400 سنه وماكس فيبر بعد 500 سنه ذكروا أن مظاهر الحياة الاجتماعية يتضامن مع بعضها البعض وتسير أعمال كل منها منسجمة مع أعمال ما عداها وهي دراسة

(الاستاتيكه الاجتماعية,والديناميكا الاجتماعية)

الظواهر الاجتماعية المتشابه تظهر في مجتمعات متشابها ويرجع ذلك إلى الاختلافات في المجتمعات واختلاف الزمن (بمعنى أن الظاهرة الاجتماعية نسبيه تتأثر بأثر المكان والزمان).

كارل ماركس بعد 450 سنه ذكر الظواهر الاجتماعية المتشابهة تظهر في مجتمعات لديها نفس الخصائص .

المجتمع في النهاية يموت وقد تحصل بعض الأحداث تؤخر هذا الموت.

بعد حوالي 450 سنه هربرت سبنسر في انجلترا ذكر كل  المجتمعات تموت.

أن القوانين التي تصدر من السلوك الإنساني هي إنسانيه وليست بيولوجيه أو نفسيه .

بعد 450 سنه كونت ذكر نفس ما ذكره ابن خلدون .

نظريه العصبية من أهم النظريات التي وضعها ابن خلدون والتي ترجمت إلى العصبية البشرية لجماعه من الناس يمثلون جماعه

(أي العصبية القبلية ).

ابن خلدون اعتبر العصبية القبلية قاعدة تقود إلى تشكل المجتمع .

بعد حوالي 500 سنه دوركايم توصل إلى هذه النتيجة .

من أكثر المسببات التي تؤدي إلى القبلية هو الدين ,قوة العصبية والدعوة الدينية علاقة وثيقة ويقول ابن خلدون أن الدعوة الدينية بدون عصبيه

لا تتم.

في منتصف القرن التاسع عشر ذكر كونت فرضية مشابهه .

النظريات الاجتماعية التي تشكلت في علم الاجتماع الحديث والنظريات التي شكلها ابن خلدون في أواخر ربع القرن الرابع عشر نفس النظريات فهي لم تشكلها المدارس الغربية إلا بعد القرن التاسع عشر والعشرين .

الجغرافيا:

ابن خلدون ذكر أن للبيئة والتضاريس والمناخ والغذاء لها تأثير كبير على السلوك الاجتماعي مثل الغنى الاجتماعي.

 وذكر أن القبائل البدوية وبسبب الجدب في الصحراء فليس هناك ما يربطهم بالأرض فلذلك كل البلاد بالنسبة لهم متساوية بالإضافة إلى عزة النفس واعتمادهم على شخصية رئيس القبيلة والأراضي المنزوعة والقدرة الكبيرة والسلطة لعدد قليل ولكن متماسك .

التماسك الاجتماعي يعود إلى صفات شخصية غير اجتماعية .

ابن خلدون لم يقرر حتمية تأثير العوامل الطبيعية كالمناخ والغذاء والأرض وكل واحة من هذه تؤثر على أخلاق البشر(كان فقط لتوضيح الفوارق بين الحضر والبدو).

كما ذكر هربرت سبنسر بما معناه البيئة الصحية تؤدي إلى تشكل شخصية صحية وبالتالي إلى مجتمع أفضل .

الاجتماع الاتحاد السوفيتي .

وهكذا فبقدر ما كان كارل ماركس مشغولا بالفروق الطبقية (الفرق بين العمال ورب العمل)بقدر ما كان ابن خلدون مشغولا بالفروق الطبيعة أو شبه الطبيعية الفروق بين البدو والحضر وان كان كارل مارك قد شيد صرح فلسفته التاريخية على أساس الصراع الطبقي فان ابن خلدون قد أسس علمه الجديد علم العمران على أساس الاختلافات والفروق القائمة بين البدو والحضر وهي اختلافات وفروق تحدث في العمران لا نتيجة صراع بل  (بمقتضى طبعه).

والشيء الوحيد الذي يتفقان به هو أن كل منهما قد انطلق من هذه الاختلافات والفروق ,يفسر سير التاريخ و تطور أحداثه ولكن مع الاحتفاظ لكل من هما بميدانه الخاص .

إذا فان أبحاث ابن خلدون في تأثير المناخ والخصب والجدب ووسائل كسب العيش كانت تهدف إلى بيان أسباب وعوامل الفروق بين البدو والحضر .

ودراسة هذه الفروق  لم تكن هي الأخرى غاية في ذاتها وإنما كانت مقدمه لشرح ما يهمه بالدرجة الأولى وهو نشؤ الدول وسقوطها .

التغير الاجتماعي

ذكر ابن خلدون أن الحياة الاجتماعية متغيرة غير ثابتة .

ذكر ابن خلدون أيضا أن الطبائع العمرانية ليست طبائع جامدة بشكل نهائي بل إنها تتبدل في مجموعها بفعل طبيعة عمرانية أخرى.

نتيجة تغير أحوال الأمم و الأجيال و الإعصار و مرور الأيام وذلك لان أحوال العالم و الأمم لا تدوم على وتيرة واحدة .

هذا مبدأ التغير هو نفسه مبدأ التطور وهو يعني التقدم كما يعني التراجع .

وابن خلدون عاش في عصر ابرز سماته انه الانحطاط و التقهقر لم يرى في ذلك عقابا إلهيا ولا قدرا مكتوبا بل انه كان يرى فيه نتيجة تطور حتمي اقتضته الطبائع العمرانية وفرضه سير التاريخ فالتطور التاريخي إذن تطور ذاتي لا دخل لرغبات الناس فيه .

ذكر ابن خلدون أن الحياة الاجتماعية غير ثابتة فهي تتغير و تتطور فعندما يظهر الضعف في مجتمع يلاحظ التغير الاجتماعي يحدث فقط كنتيجة للعلاقة بيم اختلاف الناس و طبقاتهم و نتيجة طبيعية للمحاكاة و الاختلاط .

نظريته فهمت تطور التاريخ و تحول المجتمعات .

بعد أوائل القرن التاسع عشر تكلم كونت عن حركة التغير الاجتماعي .

وقد أوضحت أعمال سبنسر في أواخر القرن التاسع عشر تطور التنمية الاجتماعية و التغير الاجتماعي من خلال المدارس الغربية

ابن خلدون وضع أربع مستويات للتطور الاجتماعي

1. تشكل العصبة القبلية بالالتحام و النسب .

2. مرحلة الملك و تركيز السلطة في يد شخص يعتمد على قوة تماسك العصبة .

3. فساد يوصف بالبذخ و التنافر و التباعد بين الحكام و عامة الشعب و اضمحلال الاقتصاد .

4. المجتمع يموت بالاعتداء عليه من الداخل أو من الخارج .

في مطلع القرن التاسع عشر ذكر كونت أن هناك ثلاث مستويات للتطور الاجتماعي

1. اللاهوتية.

2.  الميتافيزيقية (وهي قوة العصبة التي تعتمد على الدخل عند ابن خلدون و جزء منها وجد من ضمن مرحلة السلطة  أيضا عند ابن خلدون ).

3.  الموضوعية هذه المرحلة عند كونت لم تعتبر التغير ينتهي بحتمية الممات كآلية لتطور المجتمع .

إما هربرت سبنسر فذكر أن المجتمعات لا بد أن تموت بعد 40 سنة من نظرية كونت و بعد 45 سنه من نظرية ابن خلدون .

علم الاجتماع السياسي

معطيات النظرية :

مفهوم العصبية كان المفتاح لنظرية ابن خلدون إلى المجتمع و نظرية الاجتماع السياسي تحت مفهوم العصبية الاجتماعية .

ذكر ابن خلدون

أن الظروف الطبيعية للمجتمع تحتم علية القتال إما لأجل الغنائم أو اكتساب قوة و لكن العدائية تجعل الحياة الاجتماعية مستحيلة إلا إذا حكمة بقانون  هذا القانون يصدر من شخص مهيب يفرضها على المجتمع أو عن طريق العصبية القبلية .

تعليق :

جميع نظريات ابن خلدون عن الدولة و الملك و منهجية الاقتصاد و السياسة تقوم كلها على أساس واضح تماما فالغاية من الملك و جميع وظائفه تنتهي  عند ابن خلدون إلى شيء واحد هو حماية الملكية الخاصة ” البشر إذا اجتمعوا دعت الضرورة إلى المعاملة و التصادم و مد كل واحد منهم  يده إلى حاجاته يأخذها من صاحبه و استحال بقاؤهم بدون حاكم يزح بعضهم عن بعض .

وفي كل طور من أطوار الحياة الاجتماعية مهما يكن جوهرها و ظروفها التاريخية لابد من تنظيم سياسي يقوم قوة العصبة أو على سطوة الدولة .

و العصبية قوة سياسية خطيرة و على امتداد التاريخ و حتى الدين بالقياس لي العصبة ليس أكثر من عامل يساعد حيث يقول ابن خلدون أن الدعوة الدينية من غير عصبة لا تتم. “

العصبية هي صلة الدم و لا يمكن فهمها عيدا عن القرابة و طريقة الحياة و تحكم شكل القرابة الناشئة عن التنظيم الاجتماعي .

العصبية أساس التنظيم السياسي للمجتمع و أساس النفوذ السياسي و الولاية ترتفع فقط بالعصبية .

و حينما تستقر تقل الحاجة إلى العصبية و النظام .

دوركايم في فرنسا بعد 500 سنة أساس التضامن الاجتماعي هو التماسك بين أعضائها.

و ذكر دوركايم التماسك ضروري في المجتمع و هذا التماسك يمكن أن يتغير مع تطور المجتمع .

الاقتصاد و المجتمع

ابن خلدون توصل أن علم الاقتصاد يقف منفصلا عن فلسفة الأخلاق و أن القوانين التي تسيطر على الاقتصاد كانت منفصلة عن القيم المعنوية للقضاء . و بعض المبادئ الاقتصادية الصحيحة أو القوانين التي تعرف عليها ابن خلدون نظمت التالي :

1. الإنتاج بدل التبادل التجاري هو مصدر الثراء .                    ادم سميث وضح هذه النقطة 1776 للأشخاص الذين مازالوا موقنين بالمبادئ التجارية أن الثروة تأتي من التبادل التجاري .

2. الذهب و الفضة لا تنم عن الثراء ولكن كانت ذات قيمة مادية .   ومفهوم المال الذي لم يكن معروفا في الحضارة الغربية حتى القرن السابع عشر .

3. الذهب و الفضة و المعادن الثمينة تحصل عليها الدول من خلال التبادل التجاري الخارجي و أن الدول المنتجة للذهب ليست بالضرورة دول غنية .

وهذا المفهوم تطور في الغرب من قبل جون لوك في أواخر القرن السادس عشر وفي وسط القرن السابع عشر من قبل ديفيد هيوم.

4.  أن قيمة السلع مستمدة أساس من العمال المجيد فيه              هذه النظرية وضعها كارل ماركس في 1997 .

ولكن تطورت هذه النظرية لتبدل الرأسمالية بالعمالية

5. كلما زاد التحضر قل الاهتمام بالزراعة  هذه الحتمية لم يتطرق لها الاقتصاد الغربي حتى القرن السابع عشر .

6. المجتمع لا يسعى للطابع الاقتصادي تماما فيه علاقة متواجدة بين السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و السكان المتواجدة داخل علم الاقتصاد الاجتماعي هذه الحتمية أثبتها ماركس في وسط القرن التاسع عشر و في بداية القرن العشرين .

7. تقسيم العمل يعزز العصبية القبلية في الغرب ادم سميث كون نظرية لها علاقة بتقسيم العمل في أواخر القرن الثامن عشر .

دوركايم ربط تقسيم العمل بالتضامن الاجتماعي في أواخر القرن التاسع عشر .

8. الاختلافية بين الأشخاص المختلفين تظهر من خلال مواقفهم و تأثير هذه العوامل الاقتصادية على الحياة الاجتماعية للأفراد لم تكن مفترضة في الحضارة الغربية إلى أن ظهرت أعمال ماركس في وسط القرن التاسع عشر.

 بالإضافة إلى المبادئ الاقتصادية السابقة أو الأنظمة.

ابن خلدون عارض العبودية و عد هذا النوع على انه استقلال اقتصادي وأيضا المدارس الغربية كما عارضت العبودية ولكن في أماكن غير الاقتصادية في نفس وقت معارضة ابن خلدون لهذه الممارسة .

ماركس طورها هذه النظرية في منتصف القرن التاسع عشر قي نظرية استغلال للبشرية من خلال المنظومة الاقتصادية.

على أن ابن خلدون كان مؤمن بحرية الاقتصادية و من غير اللائق أن نقول أن وجهة نظرة في الجوانب الاقتصادية للعبودية كانت مشابهه لفلسفة ماركس اللاحقة لعلاقتها بالاستغلال.

المنهج الاجتماعي

 العلوم مرتبطة بعضها ببعض فنحن لا ندرس الرياضيات أو القواعد أو المنطق لمجرد دراستها ولكن لفهم باقي العلوم مثل القانون و الفيزياء .

هربرت سبنسر

جميع المعارف موجودة لفهم العلم .

ابن خلدون

توصل إلى هذه المعلومة من قبل 450 سنة

جميع المعرفة تنصب لفهم العلوم

مثال :

لا نفهم الفلك بدون فهم الفيزياء

و نفس النظرية توصل إليها كونت بلور نظريته بطريقة علمية اجتماعية تعتمد على الملاحظة التجربة المقارنة التي كانت شبيهه لفكرة ابن خلدون .

ملخص لتكون النظريات الاجتماعية:

لب النظريات الاجتماعية الحديثة التي تكونت لكونت في أواخر الربع الأخير من القرن التاسع عشر و الربع الأول من القرن العشرين في الغرب .

كثير من هذه النظريات لم ينسب لابن خلدون لان كثير من أعمال ابن خلدون كانت غير معروفة للحضارة الغربية في القرن التاسع عشر و جزء من القرن العشرين .

لاشك في أن كثير من هذه النظريات التي توصل لها ابن خلدون كانت مشابهه لما توصل له في الغرب و ممكن تكون قاعدة لكثير من العلوم الاجتماعية التي توصل لها الغرب فيما بعد لو كان لهم العلم بنظريات ابن خلدون .

تصورات ابن خلدون من قبل الاجتماعيين الغربيين و علماء التاريخ في النصف الأخير من القرن العشرين

معروف أن ابن خلدون لم يؤثر على الفلاسفة الغربيين ولا على علماء التاريخ وعلماء الاقتصاد و علماء الاجتماع الذين كونوا نظرياتهم على علم الاجتماع الحديث في المجتمعات الغربية .

كثير من المدارس الغربية في النصف الأخير من القرن العشرين لاحظوا أن ابن خلدون أول من كون كثير من النظريات و المبادئ التي يعتمد عليها علم الاجتماع الحديث.

المنهج التاريخي لم يتطرق له كما تطرق له ابن خلدون قبل 300 سنة.

كونوا منهج علمي لدراسة التاريخ و علم الاجتماع و قد تكلم عنه ابن خلدون قبل 400 سنة و مازال قائما إلى أواخر القرن العشرين .

تصورات علماء التاريخ الغربيين و علماء الاجتماع في القرن العشرين عن ابن خلدون

ارنلد تونبي قال أن ابن خلدون رجل عربي عبقري توصل في اقل من أربع سنوات من عمرة الاربع و خمسين و كون تحفة فنية تستطيع مقارنتها بأعمال ميكافيلي فجميعهم لديهم النظرة الثاقبة و القوة الفكرية و قد كان نجم ابن خلدون يسطع أكثر منهم لأنه كان موجود في حقبة زمنية مظلمة بينما ميكافيلي  و كلارندون كانوا جميعهم عباقرة موجودين في زمن عبقري .

ابن خلدون هو مصدر الضوء في سماء العلم وهو بالتأكيد ابرز شخصية في تاريخ الحضارة في ظروف اجتماعية انعزالية فقيرة صعبة و قصيرة.

في هذا المجال الذي اختاره يبدو لنا انه لم يتأثر لأحد من قبله و لم يؤثر في احد من بعده و توصل إلى تكوين فلسفة التاريخ التي هي بلا منازع أعظم عمل من نوعه في أي زمان و مكان .

الملخص و الخاتمة

علم الاجتماع في الغرب تطور و اعتمد على نظريات موجودة تكونت في القرن التاسع عشر و القرن العشرين مع إنها كانت موجودة في بداية القرن الثامن عشر ولكن كانت مجرد أفكار .

الجدار الموجود بين المسلمين و المسيحيين في القرون الوسطى كان يمنع التواصل الفكري بين هذين العالمين لو أن هذا الجدار غير موجود كان من المحتمل أن يكون علم الاجتماع في المجتمعات الغربية يسبق القرن التاسع عشر بمئات السنين لان كثير من العلوم التي توصل إليها الغربيون في علم الاجتماع قد كونها ابن خلدون في أواخر القرن الرابع عشر .

النظريات و القوانين التي كونها ابن خلدون في القرن الرابع عشر و علماء الغرب توصلوا لها في القرن التاسع عشر لم تكن معروفة بشكل كبير ولم تستخدم أيضا قبل القرن العشرين .

هذا الغموض لا ينتقص صحة أفكار ابن خلدون ولا ينتقص ابن خلدون فهو

الأب لعلم الاجتماع

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.