البعد الاجتماعي للشورى

سألني نائب رئيس جامعة فلوريدا في( قنزفيل أمريكا) ( الجامعة التي تخرجت فيها) أثناء زيارته للمجلس ضمن  وفد الجامعة الذي شارك في المعرض الدولي للتعليم العالي الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين واحتضنه الرياض في الفترة 11ـ14/2/1431هـ سألني عن الشعار المثبت في قاعة المجلس برسم جميل وكان يشير إلى ” وأمرهم شورى بينهم” فقلت له إن ما أشرت إليه هي أية من آيات الكتاب الحكيم ، القرآن الكريم الكتاب الذي نعتقد أنه أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث تؤكد الآية الكريمة منهجا سلوكيا تعبديا للمجتمع المسلم ، وصفة من صفات المجتمع وبنائه السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وأشرت إلى الشعار الآخر “وشاورهم في الأمر” وقلت وهذا خطاب من الله تعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بصفته حاكما وقائدا للأمة بأن عليه أن يتشاور مع أصحابه في أمور الأمة مع أنه عليه الصلاة والسلام مؤيد بالوحي من العليم الخبير ولكن ليضع منهجا ودستورا للأمة عبر الزمن، وبعد يومين التقيت به مرة أخرى وأطلعته على نص الآيتين في القرآن الكريم وترجمة لمعانيهما )وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الشورى:38)

)فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)

فتعجب كيف يكون هذا الأمر بكل هذا الوضوح والمباشرة والعمق والقدم التاريخي وع هذا نظن أن التجربة الشورية تجربة حديثة ومقلدة من عندنا ، قلت له إن الشورى ليست مجرد تجربة ولكنها ممارسة عبادية  متجذرة في الثقافة الإسلامية أأريت كيف ربط القرآن بين طاعة الله “استجابوا لربهم ” وتعني التوحيد وهو الركن الأساس في العقيدة  وإقامة الصلاة “وأقاموا الصلاة ” وهي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وثلث بالشورى في صفات المؤمنين ثم الركن الثالث من أركان الإسلام الزكاة “ومما رزقناهم ينفقون ” والشورى مبدأ أمر الله به نبيه حتى لا ينزع حاكم للفردية والاستبداد بل يدرك أن هذا الأمر التعبدي الذي أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وجعله صفة ثابتة في المجتمع مثل فرائض الصلاة والزكاة كما نصت عليه الآيتان الكريمتان من القرآن الكريم،

  الشورى أول الدروس في لحظة التكوين:ويمكن الاستدلال على أهمية الشورى بما ألمع إليه صاحب (التحرير والتنوير) من اعتبار الشورى أول درس تعلمه آدم وزوجه في الملإ الأعلى إذ أشهدهما ربهما إخباره سبحانه لملائكته الخبر الذي ورد في شكل استشارة وتعليم أنه “جاعل في الأرض خليفة” “ليسوقهم إلى معرفة فضل الجنس الإنساني على وجه يزيل ما في نفوسهم من سوء الظن بهذا الجنس. وعندي أن هذه الاستشارة جعلت لتكون حقيقة مقارنة في الوجود لخلق أول البشر حتى تكون ناموسا أشربته نفوس ذريته “(ج1 ص400الدار التونسية للنشر)

والشورى ليس مبدأ للمشاركة السياسية فقط في المجتمع المسلم لأن الآية التي وصفت المسلمين في القرآن الكريم مكية أي نزلت في مكة قبل وجود الدولة المسلمة التي وجدت بعد الهجرة في المدينة المنورة ، حيث جاءت الشورى وصفا ثابتا من ضمن الصفات والممارسات التي أشارت إليها الآية الكريمة، فهي أعمق في حياة المسلمين ببعدها الاجتماعي والتعبدي أكثر من بعدها السياسي

والشورى متجذرة في ثقافة المجتمع السعودي وممارسته من تأسيس الدولة الثالث على يد المؤسس الملك عبد العزيز رحمة الله عليه ، فيتم استشارة العلماء وأهل الحل والعقد والخبراء فيما يهم الناس والوطن ، وقد أسس مجلسا للشورى عام 1346هـ1937م وجدد الملك فهد بن عبد العزيز المجلس في شكله الحالي عام 1414هـ1994م ونحن في دورته الخامسة الحديثة في ترابط قوي بين الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ابتداء من المسجد والأسرة والمدرسة والحي والمؤسسات التي من بينها مجلس الشورى دلالة على الترابط بين الحياة الاجتماعية والثقافية من جهة والحياة السياسية من جهة ثانية ،  والحياة الاجتماعية والاقتصادية من جهة ثالثة والتي كانت الروح الجماعية الشورية أساسا في كل منها لحياة الأخوة والحرية والعدل في وحدة لا تنفصم بين معاني التوحيد على المستوى العقدي والعدل على الصعيد الاجتماعي والشورى على المستوى السياسي حيث تحقق الطمأنينة والثقة والتكافل والاستقرار الذي يهدف كل فرد فيه للتنمية وعمارة الأرض .

tLists]>-         – الأمن الأسري: تقوية العلاقة بين أفراد الأسرة والإسهام في تحقي الاستقرار الأسري والتأكيد على نعمة وجود الأسرة “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ” الروم 21

–         ومن أهم عناصر التقوية جناحا المودة والرحمة، المصارحة، الحديث مع بعض، العناية بالعلاقة الجنسية و الصلة والتواصل والهدية والكلمة الطيبة والشكر والثناء والإشادة وغيرها من العوامل

–         – الأمن النفسي: ومن أهمها استشعار الحفاظ على الضرورات الخمس

–         الدين، والعقل، النفس، المال، العرض.

اذاً ما الخوف ؟ الخوف فزع  القلب من مكروه يناله أو محبوب يفوته ، وضده الأمن وهو عدم توقع المكروه في الزمن الآتي. الأمن للفرد والمجتمع والدولة من أهم ما تقوم عليه الحياة ،إذ به يطمئن الناس على دينهم وأنفسهم وأعرضهم وأموالهم ،والشعور بالأمن في الأسرة خاصة أم حتمي حتى يتربى النشء في جو سعيد ملؤه الثقة والاطمئنان والعطف والمودة بعيدا عن القلق والعقد والأمراض التي تضعف شخصية الجيل

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.