القرآن الكريم نبراس الأمة وضياؤها ، دستورها ، كلام ربها جل وعز ، كله خير وبركة ، هو البحر من أي النواحي أتيته لا يأتي إلا بخير ولا يصدر عنه إلا كل خير، وقد عنيت به الأمة عبر التاريخ حفظا وتجويدا وتفسيرا ومدارسة ، وتدبرا وفهما ، ولكن ليس كل الأمة سواء في تلك العناية والاهتمام منهم ، من يحاول أن يقرب من الواجب ومنهم من تقصر خطاه دون ذلك بكثير أو قليل ولكن لكل نصيبه من الخير والفضل وفضل الله واسع ، وأنوار القرآن الكريم تشع في كل الأرجاء ، فمن قرأ لمجرد الأجر فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة ، ومن تدبر زاد فضله وعلمه ، ومن عمل صلح عمله ، وليس هناك خاسر مع القرآن الكريم مهما كانت درجة الصلة ، والذين يوجهون سهامهم نحو مدارس تحفيظ القرآن بعضهم وفق رؤية منهجية معينة وينوب عن آخرين ، وبعضهم عن غفلة ، والذين يرون أن جمعيات تحفيظ القرآن تفرخ الإرهاب أحسب أنهم يقولون كلمة كبيرة لا يدركون أبعادها ، )مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (الكهف:5)
وأي دعوى تحتاج إلى إثبات والإحصائيات تشير إلى عكس ما يقولون ، وأن حفظة كتاب الله أبعد ما يكونون عن التطرف فضلا عن الإرهاب الذي هو نتيجة له ، بيد أن اتهام تلك الجمعيات هو تطرف وإرهاب في حد ذاته ، وإذا كان الذين يتهمون تلك الجمعيات من المسلمين فليبادروا بالتوبة النصوح ، وليدركوا أن ما يقولونه لا يخدم أمتهم ولا وحدتها ولا دستورها ، وإذا كانوا من غير المسلمين فالعتب على بعض المسلمين الذين ينقلون أفكارهم ويسلموا بها ، أما هم فالشيء من معدنه لا يستغرب .
– هل حفظ القرآن دون تدبر معانيه قد يوقع الحافظ فريسة التيارات المتطرفة والعنف والإرهاب ؟
– هذا كلام كبير وصيغ فيها مبالغات، هل هناك قارئ للقرآن يقرأ من دون تدبر ؟ السؤال يأتي عن درجة التدبر ؟ مستوى التدبر ؟ وهذا يختلف من إنسان إلى آخر حسب مستوى العلم اللغوي والشرعي والطبيعي وغيره ولكن درجة من التدبر لا بد أن تكون موجودة , ثم إن من يقرأ أو يحفظ بشر معرض للخطأ والضلال الانحراف ولهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو الذي أوحي إليه هذا القرآن يدعو ربه ” اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ” ولكن كم نسبة من ينحرف وفي قلبه القرآن ممن صد عنه ولم يكن في قلبه شيئا من القرآن إن القرآن ، إننا نتعامل مع بشر ، سواء في الميدان العسكري أو الطبي أو الفقهي أو غيره ، قد يكون من بين هؤلاء أولئك من يخطئ ولكن التعميم وإصدار الأحكام الشاملة المطلقة على تلك الفئة أو هذه من الظلم الذي نربأ بأحد عنه .
– كيف نحافظ على حلقات التحفيظ من الأفكار التكفيرية ؟
– أولا كأننا صدقنا الكذبة ورحنا لا نبحث عن صدقها من عدمه، بل كيف نتلافاها؟
الحلقات نفسها حصن صلب إزاء الأفكار التكفيرية ، إذا أردنا أن نحصن الحلقات ومدارس التحفيظ فلندعمها حتى تكون قادرة على حماية المجتمع ، الدعم المادي و المعنوي ، حتى تكون قادرة على استقطاب أحسن المعلمين في أحسن الأماكن ، وأحسن الطلاب ، وما نراه من تكريم للحفظة سواء في المسابقة الدولية أو المحلية أو الخاصة بالجهات العسكرية والتعليمة وغيره من ولاة أمر هذه البلاد إلا إثبات لهذه المسيرة المباركة وفق الله الجميع