رسالة إلى حبيبة قلبي إيثار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

بنيتي إنه تحول جديد في حياتك ، يوم تضعين فيه الخطوة الأولى بصفتك زوجة، كنت ابنتي وفقط ، أما اليوم فأنت زوجته وابنتي ، نعم زوجته وابنتي ، لم أقل حتى ابنتي وزوجته ، ليس زهدا ولا إبعادا ولكن لأن الله أراد أن يكون هو أولا في حياتك ، ولأنني حينما أراك زوجته الرائعة سأصبح الأب السعيد.

حين كنت طفلة (وعلى فكرة ستظلين في نظري طفلة) كنت أقول من ذلك الفتى الذي سيأتي ويأخذها من بين يدي ، ثم كبرت فصار باب طلبك يدق وكنت أقول من هو الشاب الذي يستحقها ، من هو المحظوظ الذي سيظفر سيفوز بها ، ليس لأنك في عيني أجمل البنات ، وأكمل الفتيات ، وإنما لأنني باختصار شديد أب.

فلئن كانت “كل فتاة بأبيها معجبة” فإن كل أب بابنته مغرم.

بنيتي.. إن مشاعر الأب في مثل هذه المواقف مثل عود معتق حين تنطلق يبلغ شذاها مدى واسعا عميقا مع اصطباغها بالدهشة .

بنيتي .. صحيح أن شنف أسماعنا ثناء الناس عليك ، وأسعدنا حفاوة زميلاتك وأقاربك وأحبابك بك ،ولكن هذا كله سيكون أجمل وأكمل إذا سمعناه غدا من زوجك وأهله، فلا تتكئي على ثنائهم فيقعد بك عن مكرمة أو يحجزك عن واجب ، بل اجعليها محفزا للمزيد من النبل ،وحسن الخلق ، وزينيه بالإيمان والتقوى ، فلا هناء ولا راحة لمن ابتعد عن ربه ، وكيف تطلب منه حياة طيبة وعملنا غير طيب.

حبيبتي .. إن أجمل الأزواج _ رجالا ونساء _ من يبادرون إلى القيام بما عليهم ،  وما ينبغي منهم قبل أن تتطلع نفوسهم لما لهم من حقوق ، وإن أنبلهم من يعطي الفضل ، ويعفو ‘ن التقصير.

قرة عيني .. إن تأسيس علاقة زوجية رائعة ليس أمرا مستحيلا ، وإن مشقته أيسر من عاقبة الإهمال والندية والمشاحة.

ومشقة الأولى تخف مع الزمن وتصبح سلوكا وعادة ،  بينما مشقة الثانية كثل كرة الثلج تكبر يوما بعد يوم ، فاستعيني بالله تعالى ، وسليه دائما العون والتوفيق ، واستفيدي مما يتوفر من علمك وتجربتك وتجارب غيرك الجيدة وغير الجيدة وما يتوفر من دورات وتوجيهات يقدمها ذوو الاختصاص وأفيدي من كتبهم ومقالاتهم.

يل أنس قلبي يا إيثار إن جمال الزوجة في روحها قبل شكلها ، وأناقتها في لفظها قبل لبسها ، ورقتها في تعامها قبل بشرتها، وبياضها في قلبها قبل جلدها، وإن قوة المرأة في سيطرتها على قلب زوجها وكسب وده ، لا صلابتها وخروجها عن فطرتها ” أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين” .

إن اللذة والتميز في العطاء والبناء والمرونة والتغافل والتسامح  أما أضدادها فعناء ومشقة ومكابدة بلا معنى ولا طعم.

بنيتي ..أمك رحمة الله عليها كانت امرأة عظيمة فاستفيدي من جميل خلقها وكريم طبعها ونبيل صفاتها ، وكذلك أخواتك وإخوانك فكلها لك محب ومخلص وكذلك أم أنس فهي تكن لك من الحب والإخلاص الشيء الكثير .

حبيبتي .. ذكر الله قوة  للبدن والروح ، وإن دوام والافتقار إلى الله وللالتجاء إليه وسؤاله التوفيق ، مصادر القوة ، وأبوب السعادة ، فالعون منه بقدر الافتقار إليه ، وتذكري دائما أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، كرريها وتأمليها في كل أحوالك فهي “كنز من كنوز الجنة” ومصدر قوة على أحوال الدنيا.

هل أختم حديثي إليك وقد سيقت مشاعري حروفي فسبقت الحروف المناسبة واختلطت فيها مشاعر الأب بتوجيهات المعلم ، ونصائح المشفق ، وظن المتفائل ، وأمل المتطلع الواثق بعدم الخيبة إن شاء الله ، وإني على يقين أن حرفا منها لن يغيب عن خيالك ، ولن تخالفه فعالك، أسأل الله أن يجعلك أجمل النساء وأكملهن في عين زوجك ، وأن يحببك إلى قلبه كأشد ما يحب زوج زوجته ، ويزرع حبه في قلبك ويقيم علاقتكما على تمام الدين وحسن الخلق ويرزقكما صالح الذرية وأجملها

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.