مواقف مع فقيدنا فيصل أ,د, إبراهيم بن مبارك الجوير
كنت في مؤتمر علمي عالمي خارج المملكة,, ولا تصل إليها قنوات الاعلام العربية ,, في يوم من ايام المؤتمر فاجأني احد الاخوة بخبر هز وجداني,, قال هل صحيح ان صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد توفي؟,, كيف,, إنا لله وإنا إليه راجعون اسرعت للانترنت في قاعات المؤتمر وشرقت بالدمع بعد ان كان يشرق بي وعدت إلى الفندق واتصلت بالمنزل سرعان ما قالت لي زوجتي جبر الله مصيبتك وعظم الله اجرك في الامير فيصل بن فهد فأنا أعرف حبك له وعلاقتك الشخصية به ومدى تقديرك واحترامك له,, فأعدت عليها إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله وألهمنا الصبر وتغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
ودارت بي الافكار والخواطر والذكريات احقا مات أمير الثقافة ؟,, أمير الشباب,, أمير الانسانية,, احقا واراه الثرى؟,, أحقا هذه الانباء ؟وهو الذي كان ملء الدنيا ومحرك الناس,, أحقا مات صاحب المعروف وراعي الثقافة ؟,, أحقا,, نعم الموت حق,, وقد قال احد السلف: إذا ذهبت معزيا فاقرأ قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) لقد ذهبت إلى سموه معزيا في وفاة والدته رحمها الله وقرأت عليه هذه الآية,, والآن ها أنا ذا اقرأها في الغربة والبعد على نفسي علي اجد فيها عزاء للمصيبة,, لقد اخذت اتذكر المواقف ولم استطع ان احصيها ولكن ثمة مواقف خاصة اتذكرها جيدا ومنها:
1- برنامجه اليومي الاذاعي مع الشباب مع بداية عمله مع الشباب وهي بداية الصلة به عبر برنامجه الاثيري ذي الافكار النيرة واللغة الجميلة المتدفقة فكان ذاك التجاوب الفكري والثقافي والشورى وهذا لو تتكرم الاذاعة باعادة بث بعض حلقاته حتى يعرف الجيل الجديد اي فقيد فقدناه, وأي فكر وثقافة بناه.
2- سموه هو رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات واللجنة من بين نشاطاتها المختلفة كونت لجنة اسمتها لجنة المسابقة للتوعية عن المخدرات وقد شرفت برئاسة اللجنة فترة من الزمن,, وكان رحمه الله حريصا على متابعة امورها ورعاية حفلها لتوزيع الجوائز على الفائزين ومن حسابه الخاص .
وفي ذات ليلة من الليالي المشرقة بوجوده وفي حفلة من الحفلات لتوزيع الجوائز سألني عن اللجنة مبتسما,, فقلت له: وماذا تتوقع من لجنة عضوها حشاش ومذيعها سكران,, والفائز الاول صاحب كيف؟!,, وكنت اعني الاخ الدكتور عبداللطيف الحشاش عضو اللجنة والأخ الاستاذ المذيع حمود السكران والاستاذ الفائز الاول بالمسابقة في تلك الليلة إبراهيم حسن كيفي,, فضحك رحمه الله وهو على المنصة وأثنى خيراً,, وغير تلك المواقف من خلال نشاطات اللجنة الوطنية ولجنة المسابقات.
3- الموقف الثالث: رأس سموه وفد المملكة للمؤتمر الثاني لوزراء الثقافة في الدول الاسلامية الذي عقد في العام الماضي في الرباط- المغرب – وشرفت بعضوية الوفد وتعمقت الصلة المباشرة بسموه رحمه الله,, حيث تبين لي الجانب الثقافي الكبير المنفتح والقارئ المتابع,, والانسان الاجتماعي المحبوب,, فكان لا يتناول غداءه او عشاءه الا وقد دعانا جميعا معه لتناول الغداء او العشاء ولم يكن مجرد اجتماع على طعام ولكنه اجتماع علمي ثقافي من النوع الدسم حيث يطرح سموه آخر قراءاته وآخر رؤيته من الاحداث وتتم المناقشة باسلوب علمي ثقافي يقبل الرأي والرأي الاخر,, لا يسفه رأيا ولا يرفض رأيا ، يجيد الاستماع كما يجيد الحديث ويعطي كل فرد حقه ومنزلته وكأنه هو الاثير عنده ويهتم بالتفاصيل ويسأل عن كل فرد بالاسم فأحببناه وسعينا لمجلسه حبا ورغبة واستفادة.
ثم كان ذلك القائد الذي شكل اهم حضور في المؤتمر حديثا وتفاعلا ومداخلة ووجودا وشعرنا بالفخر لاننا اعضاء في وفد يرأسه هذا الامير الانسان المثقف.
وعند وداعه في المطار,, قال – رحمه الله – كلمات ظلت وستظل عالقة في ذهني,, كنت اعرفك من قبل وأقدرك ولكني في هذه الرحلة تعرفت عليك اكثر واحببتك فلم اجد إلا ان اقبله وأشكره,, والآن اجدني وأنا الذي تعرفت عليه وقدرته واحببته لا اجد إلا ان استمر في تقديره ومحبته عن طريق الدعاء له.
وإذا كان لي من رجاء ارفعه الى الابن البار صاحب السمو الملكي الامير نواف فهو العمل على ايجاد مبرة خيرية تعنى بتلك الاعمال الجليلة العظيمة المتسامقة التي كان يعنى بها الراحل الكريم في حياته مثل: اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات – الثقافة والمثقفين – الايتام والمساكين – المرضى والمعوزين – دور العلم وتحفيظ القرآن الكريم.
رحم الله فيصل وألهمنا الصبر والاحتساب ,, ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار والحمد لله رب العالمين.