ماذا يريد الآباء من الأبناء وماذا يريد الأبناء من الآباء
سؤال عريض وأحسب أن الإجابة عليه لا تهمكم بقدر ما يهمكم الواقع ،وعندما أخاطبكم بهذا فأعني انتم أيها الأبناء وأنتم أيها الآباء وحديثي الليلة حول الموضوع ليس لأقول لكم شيئا لا تعرفونه ولكن لأثير معكم موضوع نتحاور فيه ولهذا فدعوني أبدأ هذه المحاورة ببعض العناصر التي قد تفتح آفاقا للحوار، ولأني أمثل الآباء في هذا المقام ، وأقصد بالتمثيل النيابة وليس التمثيل المسرحي أو الفني ، فإنني سأضع بعض النقاط التي يريدها الآباء من الأبناء ثم أترك لكم أيها الأبناء ذكر بعض العناصر التي تريدونها من أبنائكم بصفتكم أباء الآن أو في المستقبل أو من الآباء بصفتكم أبناء .
أولا : ليس هناك أب إلا ويود أن يكون ابنه أفضل منه ، يقولون إن الأب يضحي بكل شئ مهما غلا من أجل ابنه ،ويتمنى أن يكون أحسن منه ، إلا السلطة فقد يضحي فقد حصلت حوادث في التاريخ حيث ضحى بعض الآباء بأبنائهم الذين نازعوهم السلطة أما الأبناء الذين ضحوا بآبائهم من أجل السلطة أو أقل منها فكثير ، ولأن الأب يود أن يكون ابنه أفضل منه فلا يود أن يرى ابنه يقع في الخطأ حتى ولوكان الأب قد وقع فيه أو مازال يقع فيه مثل الدخان
ثانيا: يعرف الأب أن لكل زمان لغة و هوايات وألعاب وممارسات وعادات ويدرك أن صراع الأجيال أمر واقع وإن كان بدرجات متفاوتة ، ولكنه يتمنى أن يتفهم الأب حرصه عليه وفي الوقت نفسه يرى الابن أن لديه من المهارات الحديثة ما يتفوق فيه على الأب الذي لم يتعلم أو يجيد تلك المهارات مثله ، ولكنه ينبغي أن يدرك أن لدي الأب من الحكمة والتجربة والرؤية ما تفيده في الحياة فلا يغتر الابن بمهارته وينسى عمق التجربة عند أبيه ،وليدرك أنه لن يجد في كل الدنيا أنصح له ولا أخلص ولا أصدق من أبيه له .
ثالثا : مهما كان تقصير الأب فيود أن يكون ابنه مؤديا لواجباته وبخاصة الصلاة في وقتها ومع الجماعة لأنه يشعر بالسعادة إذا رأى ابنه يسابقه إلى المسجد ويرجو أن يكون ذلك الولد الصالح الذي يرجو نفعه بعد موته “أو ولد صالح يدعو له”
رابعا: في فترة من الفترات كنت طفلا يحملك أبوك ويحضنك ويداعبكم وتركب على ظهره وهو سعيد بذلك وتقول له أركب حماري أو حصاني إن أحسنت اللفظ ومع هذا تجده يبتسم بسرور ، وقد تأتي فترة يحتاج منك إلى أن تحضنه إلى أن تحمله إلى أن تعتني به ، فلا تنسى أيامك الماضية وكن به رحيما كما كان معك كريما
خامسا : يريد أبوك منك أن تكون برا رحيما بأمك لأن هذا يسعده ،ولا تظن أن يغار إذا بررت بها بل يجد في البر بها برا به، كما يريد أن تكون علاقتك بإخوتك وأخواتك علاقة مودة ورحمة لأنك امتداد له ووهم وأنت جزء لايتجزء في نظره ، وإذا كانت علاقتكم علاقة مودة ورحمة سعد وأسعدت نفسك وغيرك .
سادسا: يريدك أبوك أن تكون متفوقا ،وقد لا يدرك الأب أنك تود أن تكون كذلك ولكن قد تكون هناك قدرات مختلفة ولكن شعور الأب يريد أن يكون ابنه متفوقا مهما كان الأمر ،والمرء لا يلام بعد بذله الجهد ولكن ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام ، ومن وسائل التفوق :
– من طلب العلا نام الليالي ، كثير من الطلاب يفشلون في الدراسة أو العمل لأنهم يسهرون كثيرا فيتأخرون أو يتخلفون عن حضور المحاضرات وإذا حضروا فبرؤوس أثقلها السهر فلا تركيز ولا يدرون ما يدور حولهم .
– الإصرار عزيمة الأقوياء : مهما تعترضك من مصاعب فهي مصاعب طبيعية ، فلا بد دون الشهد من إبر النحل .
– لا تستسلم بسهولة بل لا بد من المثابرة، وكل الناجحين عبر التاريخ مرُت بهم حالات إحباط وفشل وكرروا التجربة بل التجارب حتى تحقق لهم النجاح وعندها فقط ينسى المرء تلك الحالات أو المحطات، وتذكر أن كل ضربة لا تميتك تقويك.
– الشخص الناجح هو من يعرف قيمة الوقت ، وإذا كان المرء في الإجازات قد يتساهل في قيمة الوقت ، فإنه يدرك أن النجاح يعني الزمن أو الوقت يعني الحياة .
– لا تؤجل عمل اليوم إلى غد ، ما يطلب منك بعد يومين اعمله الآن ، وكن في سباق مع نفسك لأنك بذلك ترتاح من أن تضغط نفسك ويكون فهمك مركزا وعملك أكثر جودة .
– لا تخجل من الخطأ واعلم أن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل ولا ينتج أما الذي يعمل فقد يخطئ وخير الخاطئين التوابون واستفد من الخطأ في تدارك الأمر .وكن جريئا في التعلم ، وأسأل عما لا تعلم ، واعلم أن المحاولة أساس التعلم فإذا أعطيتها أعطتك .
– وإذا أردت أن تحترم فلابد من احترام نفسك ومن احترام نفسك أن تبعدها عن ما يخدشها وأن تحترم غيرك. وهذا لا يخدش كرامة الإنسان بل يزيد من قيمته.
– تذكر أنك مسلم مؤمن ، وابن أبيك الذي يعتز بك كل تصرف حسن أو سيئ يحسب لك أو عليك أو لدينك وبلدك أوعليهما ، راقب ربك وأعلم أنه مطلع عليك في كل أمر ، وأنك مهما أخفيت من خلة على أحد فلا تخفى على عالم السر والنجوى .
– هناك ثلل كن حذرا فما كل من ابتسم في وجهك صادقا معك، ولا كل من أبدى الحرص حريصا ، ولا كل من أظهر الإخلاص مخلصا،ولا كل من ادعى صداقتك يستحق أن يحمل هذا الشرف، تعامل مع الجميع بخلق حسن ، ولكن كن نفسك ولا تمل مع هذا أو ذاك , وتذكر قول الشاعر: وصرت أشك فيمن أصطفيه لعلمي أنه بعض الأنام
ولما صار ود الناس خبا جزيت على ابتسام بابتسام
– النقاط كثيرة والومضات أكثر، وبودي أن أستمر في مناجاتكم ولكنه بوح القلب، اعذروني أن أطلت عليكم أو ظهر في بوحي نوعا من التوجيه المباشر أو الخوف عليكم فليس إلا بوح أب محب خائف واثق راج
– أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، إذا استعنت فاستعن بالله وإذا استعذت فاستعذ بالله ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا ذكرته في ملأ ذكرك في ملأ خير منهم ، والأذكار حصن المسلم
– شكري وتحيتي لكم جميعا أبناء وآباء وشكرا على حسن إنصاتكم وأدعو الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله