الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
في سنة من السنوات رحل جدي ووالدي رحمهما الله من حوطة بني تميم تلك البلدة التي ولدا فيها، رحلا في شبابهما قبل أن يتزوج والدي رحلا إلى الخرج وعملا في مزارع الهياثم عملا في مزارع سمو الأمير سعود الكبير وعند غيره، ثم تزوج أبي أمي رحمهم الله جميعاً من الحوطة وعاد بها إلى الخرج حيث أنجب ذريتهما ولد لهما محمد وعبد الله و إبراهيم وعبد الرحمن( رحمه الله) وهيا، ودرس أخي محمد و أخي عبد الله في مدرسة الهياثم وتخرج محمد في المدرسة من الابتدائية ودرست في مدرسة الهياثم الصف الأول والثاني من الابتدائية ثم رحلنا إلى السيح وهناك أنجبت أمي راشد وحصة ، وأكملت المرحلة الابتدائية، ومن الأساتذة الكرام الذين درست على أيديهم في تلك المرحلة الأستاذ سالم عجرم ، والأستاذ نازك ، والأستاذ حامد شبير وكان مدير المدرسة الأستاذ عبد الله أبوعباة ، وانتقلنا بعد ذلك إلى الرياض حيث التحقت بمعهد الرياض العلمي، ومن هنا مع الرياض وفي عام 1384هـ تبدأ القصة قصة هذا الإنسان الذي عاش في هذه المدينة نشأ فيها ترعرع فيها أحبها حباً جماً كما يقول أستاذي الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين عن الرياض:
هواك وإن رث الزمان جديد وحبيك حب طارف وتليد
أحاديثه أحلامنا وشبابنا فمكرروه في مسمعي نشيد
أعيش على طيف الوصال وإنما نصيب فؤادي من هواك صدود
عفيفة ستر لم يدنس رداءها دخيل يُرى ما أنجبته عبيد
بلادي وما أبغي بها من صفية وهيهات أنى للرياض نديد
أعاصمة الملك المؤثل يصطفى عليها سواها إن ذا لبعيد
في مدينة الرياض سكنا في حي جبرة وهو حي يقع بالقرب من حي دخنه وعلى شارع عثمان بن عفان الذي يمتد من دخنة في وسط مدينة الرياض جنوباً إلى منفوحة وكان يتوسط ذلك الشارع حراج الغنم حيث يباع الغنم في ذلك السوق ومكثنا في حي جبرة ستة أشهر بالإيجار إلى أن اشترينا بيتاً من الطين في حي صبيخ وهو جنوب شارع الأعشى على امتداد شارع عثمان بن عفان في هذا البيت الذي اشتريناه في ذلك الوقت ولم يكن فيه كهرباء ولا ماء ولم يكتمل بناؤه بعد فهو جديد جدة الماء والطين لم يوضع فيه الاسمنت والجس بعد وهو منتهى الكماليات والجمال في ذلك الوقت لكننا في الحاجة إليه وهروبا من الإيجار انتقلنا إلى هذا البيت وبدأنا نكمل ما نقص فيه ونحن فيه وفي هذا البيت تعاون أبي رحمه الله والأخوة جميعاً تساعدوا في شراء هذا البيت وأذكر أن المكافأة التي تصرف من المعهد كانت مائتان وثمانية وخمسون ريالاً في ذلك العام أخذنا سلفه من أحد مدرسي المعهد الذي كان يقوم بإعطاء السلف عن طريق المداينة على راتبي أو مكافأتي من المعهد فكنت أستلم في ذلك العام ثمانية ريالات ويأخذ هو مئتين وخمسين ريال حتى سددنا له مبلغ الدين الذي يقارب الألف وخمسمائة ريال إسهاما في شراء ذلك البيت، كان الطريق من البيت إلى المعهد نخرج من البيت ونقف على شارع الأعشى ونركب سيارات الأجرة بربع ريال ينزلنا في البطحاء مقابل المعهد وفي العودة نعود مشياً على الأقدام من المعهد إلى دخنه ومن دخنه نمشي مع الزملاء إلى البيت أو نركب من دخنه على سيارات الأجرة عبر شارع عثمان بن عفان وأيضا بربع ريال، وكان المعهد مركز نشاط ومركز علم ومركز قوة واتينا إلى الدراسة في المعهد برغبة في العلم ورغبة في المعرفة ورغبة في التزود وكان لنا أساتذة مخلصون محبون علماء أجلاء بذلوا من أنفسهم ومن عطائهم ومن علمهم ومن فضلهم ومن توجيهاتهم الشيء الكثير استفدنا منهم كثيراً وأسسوا لنا تأسيساً علمياً قوياً في علوم الشريعة واللغة وأود أن أسجل شكري وتقدير وعرفاني بالفضل لهم جميعاً كان يدير المعهد في ذلك الوقت معالي الشيخ الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد المنعم وكان وكيله فضيلة الشيخ علي بن فهد الغيث وفي أخر سنة لنا في المعهد تولى الإدارة معالي الشيخ الدكتور عبد العزيز السعيد و الوكالة تولها معالي الشيخ الدكتور صالح بن سعود العلي ودرسنا في المعهد عدد من الأساتذة أتذكر منهم معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله العجلان ومعالي الشيخ الدكتور عبد الله الزايد وفضيلة الشيخ عبد الله المنيف وفضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن احمد الصالح وفضيلة الشيخ عبد الله الخويطر وفضيلة الشيخ محمد الداوود وفضيلة الشيخ إبراهيم الداود وفضيلة الشيخ سعد الداود رحمهم الله وفضيلة الأستاذ الشيخ محمد البراك وفضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الدرويش، وفضيلة الشيخ راشد الحديثي وفضيلة الشيخ الأستاذ عمر الحصين وسعادة الأستاذ حمد الدعيج وسعادة الأستاذ محمد بن صالح الجاسر وعدد من الأسماء الذين قد يكونوا الآن غابوا عن البال في الذكر ولكنهم لم يغيبوا عني في الدعاء لهم والشكر وكان في المعهد نادي يسمى النادي الأدبي ويقام في الغالب ليلة الجمعة ولم يكن هناك وسائل إعلام وترفيه أو صالونات فكان هذا النادي يستقطب المفكرين والأدباء وكبار الناس ويؤازره الأمراء والوزراء وكبار المسئولين وكنا نسعد بتشجيعهم وتأييدهم ودفعهم لنا فكان لنا في ذلك المعهد أو في ذلك النادي صولات وجولات صقلت مهارتنا وحركت مكامن مواهبنا فكان منا الخطيب والشاعر والأديب والمتحدث والمذيع والمنطلق، ربتنا على الجرأة على مواجهة الناس، على الانطلاقة و شجعتنا على القراءة و التحصيل وكان في المعهد مكتبة خاصة وكان في المجمع الذي يضم المعهد وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية أيضا مكتبة عامرة كنا نرتاد تلك المكتبات وكان في دخنه المكتبة السعودية وكانت مكتبة عامرة شاملة فيها كثير من كتب الشريعة والأدب والفكر والتاريخ فكنا نرتاد تلك المكتبة وخاصة في الإجازات وكان يقدم في هذه المكتبة في فترة الضحى شايا احمرا لذيذا ، فكان من المشجعات لارتياد المكتبة وكان فيه مجموعة من الزملاء الذي يتوافدون على المكتبة بحرص وثقة ورغبة.
ومن أطرف وأجمل الذكريات في ذلك العمر موقف لا أنساه أبدا ، وهو أنني أثنا دراستي في ثاني متوسط وفي ذات يوم وبعد أن خرجنا من المعهد ظهر ذلك اليوم ، ركبت دراجتي واتجهت شمالا من شارع الوزير إلى قصر رئاسة مجلس الوزراء في شمال الشارع حيث دخلت بالدراجة مقر المجلس ، وأوقفت تلك الدراجة وترجلت داخل القصر إلى مجلس الملك فيصل رحمه الله حيث تشرفت بالسلام عليه مصافحا مبتسما وقال لي قواك الله يا ولدي وانصرفت وليس هناك أكبر من رأسي فخرا وعزة وركبت دراجتي وعدت إلى البيت مزهوا بهذا الشرف وبهذه السهولة واليسر ، وليس لي من هدف آخر سوى السلام.
كنا أيضا نأتي يوم الجمعة نصلي العصر في الجامع الكبير في الرياض والذي يدعى الآن جامع الإمام تركي بن عبد الله رحمه الله وكان بالقرب من المسجد حراج بن قاسم وكان في جهته الشمالية كل يوم جمعة بعد العصر معرض كتاب يعرض فيه الكتب والمجلات الأدبية والفكرية والفنية وكان يعرض أيضا من تلك الكتب بعض الكتب التي قد لا تجدها في المكتبات العامة وكان البائعون يعرفون زبائنهم ويقدمون لهم الكتب التي يبحثون عنها وكنا شغوفين بالاطلاع والقراءة المتنوعة فكانت ثقافتنا الثقافة الدينية اللغوية الأدبية الفكرية ،الفنية الرياضية المتنوعة وكنا نخرج من هذا السوق أو من هذا المعرض لنصلي المغرب في مسجد حديقة البلدية في شارع الملك فيصل أو شارع الوزير وكانت لنا مجادلات أو محاورات شعرية وأدبية بين الزملاء في مشوارنا لأن كل هذه المشاوير على القدم نذهب إلى مطعم على ناصية شارع البطحاء اسمه مطعم ألوان نأخذ الأيسكريم والكنافة و من تلك الطرائف أن كانت فيه موضة اسمها موضة الخنافس فقابلنا شاباً عليه مظهر الخنافس فقال أحدنا: إن هذا التيس عنز
فرد عليه الأخر: في لباس العاهرات
ثم جلسنا في مطعم الألوان فقال احدهم:
أيها الأصحاب هيا فرد عليه الأخر: نتلهى بالنكات
فقال الثالث: أطعمونا اسكريما قال الرابع: سائغا وسط اللهات
فقال الأول: فأكلنا وشربنا فقال الثاني: فضحكنا ضحكات
فقال الثالث: وتطعمنا بأكل فقال الرابع: خال من فلفلات
وهكذا استمرت القصيدة بين أربعة أشخاص هم صاحبكم وهو أقلهم بضاعة في الشعر ولكنه يحاول معهم وفارسنا أو الفارس المجيد الدكتور عبد لعزيزبن محمد الزير والفارس الآخر الأستاذ الدكتور محمد بن حسن الزير والرابع هو الأستاذ عبد الله بن صالح الخريصي فكانت هذه حكايات مراوحات مداولات جميلة ذكريات طريفة ولكنها تشير إلى رغبة وثقافة جيل وحب للمعرفة وهكذا كنا نمضي بعض الأيام كنا نتبارى في المقالة في القراءة في تلخيص كتاب في البحث عن المعلومة مع مجموعة من الطلاب الذين يحرصون على التحصيل العلمي الموثق كنا في هذه المدينة ولم تتشعب هذه المدينة بعد كنا في مدينة الرياض نطوف أنحائها ما بين زميل وزميل ومكتبة ومكتبة ومدرسة ومعهد أحياء هذه المدينة نجوبها مشياً على الأقدام نخرج من البيت عبر شارع الأعشى نسلك شارع عثمان أو شارع الفريان أو شارع الأعشى ونذهب إلى شارع عسير نصل إلى قرب مستشفى الشميسي أقصى ما نصل إليه هو الحدود الشمالية من الرياض شارع الخزان كنا أثناء الإجازة الصيفية نشترك في المركز الصيفي الوحيد الذي يقام في المتوسطة الثانية في شمال شارع الوزير يفد إلى هذا المركز شباب الرياض من مختلف أنحاء الرياض لنقيم نشاطا صيفياً مكثفا طيباً منه النشاط الرياضي والنشاط الثقافي والنشاط الأدبي والنشاط الصحافي والنشاط الاجتماعي نقيم حفلات سمر تتنافس الأسر فيما بينها على إقامة حفلة كل ليلة ونذهب في رحلات إلى مناطق مختلفة من بلادنا الغالية كانت هذه الرياض صغيرة في حجمها سهلة في تواصلها ومواصلاتها نستخدم المشي كثيراً والسيارات الأجرة قليلاً كانت سيارة الأجرة بريالين للطلب إذا أردت أن تأخذ السيارة في مشوارك مهما كان فهو بريالين أما إذا كنت تركب سيارة الأجرة مع الركاب الآخرين فبربع ريال والمواصلات فيه ميسرة والطريق لا يأخذ من شارع الأعشى إلى أن نصل إلى المركز الصيفي في أخر شارع الوزير عشر دقائق أو ربع ساعة بالسيارة وهكذا كنا نعيش في مدينة هادئة آمنة مطمئنة تتطور ولكنه تطور مدروس وتطور على قدر كثافة السكان في ذلك الوقت ولم تبدأ بعد خطط التنمية التي انطلقت فيما بعد وسنأتي إليها كانت تلك هي مرحلة الدراسة في المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية في معهد الرياض العلمي ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الدراسة في كلية اللغة العربية وكانت هناك كليتان تتبع للرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية كانت هناك كلية الشريعة وكلية اللغة العربية ثم أصبحت كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية وهما متجاورتان مع المجمع مجمع الرئاسة والمعهد العلمي وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية وكان المعهد العلمي يطل على شارع البطحاء وكليتي الشريعة واللغة تطلان على شارع الوزير وبين الكليتين تنافس وتعاون في الأنشطة المختلفة واستمر النشاط الذي كنا نؤديه في المعهد من حيث النادي الأدبي أيضا في كلية اللغة العربية وكان عميد كلية اللغة العربية أثناء دراستنا في ذلك الوقت هو معالي الأستاذ الدكتور الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي ووكيله هو فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله عرفة ودرسنا في هذه الفترة أعلام منهم معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبد العزيز الربيعة ومعالي الشيخ حمود الفايز ومعالي الأستاذ الدكتور عبد الله الشبل والأستاذ الشيخ عبد العزيز الشعلان والأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي والأستاذ الدكتور محمد رجب بيومي والأستاذ الدكتور إبراهيم أبو عيطة والأستاذ الدكتور احمد أبو شلباية والأستاذ الدكتور محمد عبد العليم والشيخ محمد الراوي والأستاذ الدكتور عبد الرحمن الباشا والأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح والأستاذ الشيخ عمر عودة الخطيب وغيرهم من الأساتذة الكرام الذين شجعونا واثروا المعرفة والعلم والبحث وعرفونا على مناهج البحث وطرق البحث العلمي وأساليب الكتابة اللغوية والأدبية وكان النادي الأدبي الذي يقام في كلية اللغة العربية منارة من منارات الشعر والأدب فيه الأمسيات الشعرية والمحاضرات الأدبية والقفشات الفكاهية وكان لتشجيع المسئولين في الرئاسة ومنهم أو في مقدمتهم الرئيس العام للرئاسة وهو معالي الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم أل الشيخ رحمه الله وهو والد معالي الشيخ صالح وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ومنهم أيضا فضيلة الشيخ عبد العزيز المسند رحمه الله الذي كان يشغل المدير العام للرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية وطبعاً عميد الكلية ووكيل الكلية وأساتذتنا في الكلية، والمجتمع الذي كان يحضر ويؤازر ويدعم مثل هذه الأنشطة وعندما تخرجت في كلية اللغة العربية كان يزاملنا منتسباً في الكلية الزميل الأستاذ خالد اليوسف وهو من أشهر المذيعين في الإذاعة والتليفزيون السعودي وقد طلب مني أن اذهب معه لإجراء مقابلة مع سمو الأمير خالد بن فهد بن خالد وكان وكيلاً لوزارة المعارف آنذاك فذهبنا إلى قصره أو قصر أبيه في المربع فخرج علنيا احد الأصحاب أو احد العاملين لدى قصر سموه وقال اتركوا سيارتكم هذه الصغيرة واركبوا معي في سيارة كبيرة لان الطريق الذي سنسلكه لا تستطيع سيارتكم الصغيرة أن تصل فركبنا في سيارته الكبيرة ومع الأستاذ خالد أجهزة التسجيل لإجراء المقابلة فذهبنا من المربع عبر طريق وعر وصغير وجزء كبير منه غير مسفلت وسرنا بالسيارة ما بين صعود ونزول ما بين هضاب وتراب إلى أن وصلنا إلى قصر مازال تحت الإنشاء يبنيه سموه له ووجدناه قد فرش له بساطاً ومعه القهوة والشاي ويراقب العمال الذي يقومون بإنشاء هذا القصر أتدرون أين موقع هذا القصر انه يقع في تقاطع طريق الأمير سلطان (الثلاثين) مع شارع العليا العام ودخل الآن قصره مع مجمع الفيصلية الكبير في هذا الموقع سألناه لماذا تبني في هذا المكان قال حتى أكون بعيدا عن الزحام والإزعاج وما علم انه بعد سنوات هجر القصر لأنه أصبح في قلب الضوضاء وفي قلب الزحام ثم ادخل القصر مع مشروع الفيصلية الكبير هذه القصة فيها دلالة واقعية حقيقية على هذا التطور الهائل الذي صار لمدينتي الفاضلة لمدينتي المحببة لمدينة الرياض.
وفي عام 1390هـ بدأت خطط التنمية في المملكة العربية السعودية والتي كانت مركز تحول مهم ونقطة صفر بين مرحليتين يطلق عليها مرحلة ما قبل التنمية ومرحلة ما بعد التنمية ، وفي 1395هـ بدأت خطة التنمية الثانية والتي كانت نقلة نوعية كبيرة في المجالات جميعها ، ومنها بداية النقلة النوعية في السكن والمساكن حيث بدأ صندوق التنمية العقاري والذي أحدث نقلة نوعية في الحياة الاجتماعية والصحية والاقتصادية بشكل لا يمكن تصوره
وعملت بعد تخرجي مدرساً في معهد الرياض العلمي ذلك المعهد الذي درست فيه المتوسط والثانوية عدت إليه بعد أربع سنوات من الكلية عدت إليه مدرساً وكان معظم الذين يدرسون في المعهد هم من الذين تشرفت بالتتلمذ عليهم عدت زميلاً صغيراً لهم ووجدت مهم من التشجيع والتأييد بحكم اشتغالي معهم في الأنشطة فأولوني مسئولية الأنشطة في المعهد إلى جانب التدريس وكان مدير المعهد هو معالي الشيخ الدكتور صالح بن سعود العلي ووكيل المعهد هو سعادة الدكتور عبد العزيز العواد وقد شرفت وسعدت بتدريس مجموعة كبيرة من الطلاب الذين أصبحوا أعلاما فسعدت بتدريس طلاب الآن يشار إليهم بالبنان تفوقوا على أستاذهم مراحل عديدة وأصبحت لهم مكانة كبيرة جداً، الأسماء كثيرة جداً لكن من أشهر تلك الأسماء فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام وفضيلة الشيخ الدكتور عايض القرني وفضيلة الشيخ الدكتور يوسف الحوشان وسعادة الدكتورعبد الرحمن البراك وكيل وزير التربية والتعليم وسعادة الدكتور علي الحكمي المشرف على برنامج الملك عبد الله لتطوير التعليم وسعادة رجل الأعمال المشهور الأستاذ خالد الشثري والدكتور محمد الحميد والأستاذ حمد الحوشان وفضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الاطرم وفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله موسى العمار وسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله الرقيبة وسعادة الدكتورالطبيب عبد العزيز الناصر وفضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز العسكروسعادة الدكتور حمد الماجد وأسماء كثيرة جداً جداً من الأعلام الذي سعدت بمعرفتهم أو بتدريسهم أو بالالتقاء معهم وكان من بين طلاب المعهد في تلك المرحلة ولكنني لم أدرسه لأنني درست أولى متوسط وثاني متوسط وثاني ثانوي ولم أدرس ثالث ثانوي وكان في ثالث ثانوي أحد المشرفين على هذه الأطروحة وهو الأستاذ الدكتورعبد اللطيف الحميد وكذلك معالي الدكتور ناصر الداود ومعالي الدكتور أحمد السالم وسعادة الأستاذ الدكتور محمد الصامل والأستاذ الدكتور عمر العمري والدكتور عبد الله الجحلان واللواء فهد البشر وغيرهم كثير، وهذا يدل على مكانة المعهد وأثره الكبير جدا في مسيرة التربية والتعليم والتثقيف في هذا البلد الكريم وانتقلنا من المنزل في صبيخ من البيت الطين إلى بيت من الاسمنت في حي الطويلعة على امتداد شارع آل فريان. دَرست في معهد الرياض العلمي لمدة سنة ونصف ثم صدر المرسوم الملكي الكريم بتحويل الرئاسة العام للكليات والمعاهد إلى جامعة تحت اسم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكان ذلك في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله وعلى اثر ذلك انتقلت إلى العمل في الجامعة في المكتب الإعلامي لمدة أشهر ثم انتقلت بتوجيه من وكيل الجامعة في ذلك الوقت هو معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي انتقلت إلى أن أكون معيداً في القسم الذي تنوي الجامعة إلى افتتاحه وتهيئ له الكوادر وهو قسم الاجتماع وكانت نظرة معالي الدكتور عبد الله أنني اجتماعي بطبعي ويستحسن أن انتقل أو أكون معيدا في هذا القسم وفعلاً صدر قرار معالي مدير الجامعة الشيخ عبد العزيز بن محمد أل الشيخ رحمه الله، بان أكون معيدا في قسم الاجتماع وعندها تهيأت مع مجموعة من الخلص إلى الابتعاث إلى أمريكا للدارسة في تخصصات مختلفة فقد صدر مع قرار تعييني قرار بتعين معيدين في قسم الاجتماع الأخ الدكتور عبد القادر طاش رحمه الله والأخ الدكتور احمد سيف الدين ، ثم حول تخصصهم في أمريكا إلى الإعلام وأستمريت أنا في التخصص في علم الاجتماع وذهبنا حوالي 13 شخصا في تخصصات مختلفة وكنت بصحبة الأخوة معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة الذي تخصص في المكتبات وهو من خريج اللغة العربية والأخ الدكتور محمد بن عبد الله العزام وتخصص مكتبات أيضا وهو من خريج اللغة العربية والأخ الدكتور عجلان بن محمد العجلان وتخصص مكتبات وهو من خريج اللغة العربية وعدد من الأخوة في تخصصات علم النفس والتربية وسافرنا جميعا في طائرة واحدة من الرياض إلى لندن ومن لندن إلى فلادلفيا بنسلفانيا بأمريكا وكان السفر بعد إعلان دخول شهر شوال يعني سافرنا ليلة العيد الإقلاع كان الساعة الثانية صباح يوم العيد فكانت سفرة محزنة مؤلمة تغادر فيها والديك اهلك وذويك في ليلة العيد فكانت بالنسبة لي ألم يضاف إلى ألم السفر والغربة والبعد فأخذت أبكي في الطائرة من الرياض إلى لندن وكان الصديق الحبيب الأخ علي من الذي يهدئون ويشدون من عضدي والجدير بالذكر أن هذه الرحلة هي المرة الأولى في حياتي التي أركب فيها طائرة ولكم أن تتصورا نقلة هذا الحوطي الذي يسافر لأول مرة بالطائرة وإلى أمريكا ، وصلنا إلى أمريكا واستقبلنا من قبل جمعية علماء الاجتماع المسلمين وفي فلادلفيا بسلفانيا ومكثنا فيها فصلاً دراسيا ثم تفرقت بنا السبل كل ذهب في مدينة ليبحث عن معاهد اللغة وقبول في الجامعات وحتى تيسرت الأمور كنت أعود في الصيف وكان لي صديق اسمه الأستاذ إبراهيم الهلال اشترى أرضا في حي الملك فهد الآن وقال لي: لماذا لا تشتري الأرض التي بجانبي؟ ذهبت إلى معرفة الأرض فوجدت ارض قاحلة وديان ووهاد وجبال ومرتفعات ليست مسفلتة فقلت له كيف وهل ستسكن هنا؟ قال نعم وهو كان يسكن على شارع الأعشى على ناصية شارع الفريان مع شارع الأعشى ثم انتقل إلى بيت أخر عند شارع سلام قلت هل تترك تلك المناطق وتأتي إلى هذه الأرض اليباب القفار فقال انتظر عليها فترة والآن انظروا ماذا تم بشأنها كيف الرياض توسعت تخرجت من أمريكا واشتريت أرضا في الروضة وعلى فكرة الروضة يقول لي الدكتور عايض الردادي انه سكن في الروضة في عام 1400هـ وكان أقرب مسجد يمكن أن يصلي فيه الجمعة في شارع الستين في الملز، وعندما سكنت في الروضة وهو المسكن الذي أسكن فيه الآن كانت الروضة عامرة ومليئة بالمساجد والمساكن وسبحان الله سكنت في عام 1409 في 1/01/1409هـ يعني منذ الفرق تسع سنوات والروضة أصبحت مدينة كاملة بكل مقوماتها، اذكر أن أخي محمد عندما زارني في أمريكا ما تتمنى أن تنقله من أمريكا إلى الرياض أو إلى المملكة قال الطرق السريعة وبعد سنوات وأنا أسير وإياه في الدائري الشرقي قلت له أتتذكر تلك الأمنية التي كنت تتمناها عندما زرتنا في أمريكا قال نعم فقلت وما رأيك الآن سبحان الله أمنية تحققت في أسرع مما كنت أظن، وهكذا عشنا مع الرياض وبالرياض وفي الرياض من خلال أكثر من نصف قرن من الزمان مررنا فيها ليس من خلال المتاحف ولا من خلال التاريخ ولكن من خلال المعايشة الفعلية بمراحل متعددة مختلفة متباينة التطور السريع جداً الذي مررنا به ليشكل لنا أننا لسنا نتوارث هذه الأشياء كأجيال مخضرمة ولكن الفرد الواحد الذي يكتب لكم الآن الذي تقرؤون له الآن عاش فترات مخضرمة عاش تلك الفترة التي كنا نبحث عن السرج ونعبر السراج بالجازولين ونحضر الفتيلة ونشب النار بالحطب للطبخ في المنازل ثم بالكولة والجاز ثم بالغاز والكهرباء كنا نبحث عن الأتاريك للمزيد من الإنارة في المناسبات والأفراح ثم دخل الكهرباء، كنا لا نعرف شيئا اسمه ثلاجة كانت الثلاجة في البقالات والثلاجة التي في البقالات هي عبارة عن صندوق كبير خشبي مغطى يؤتى بالثلج من مصانع الثلج ويكسر في الثلاجة ويوضع الماء البارد والقوارير الباردة في صف في هذا الصندوق الكبير وتوضع فوقه قطع الثلج حتى يبرد ما وضع في هذه الثلاجة وكانت القرب هي التي تستخدم للتبريد أو الزير المصنوع من الفخار وكان مقطار القربة الذي تحت القربة يكون مهيأ للبرودة فتوضع البطيخ والخضار حتى تبرد كانت الحياة بسيطة وسهلة وميسرة وصعبة أيضا في نفس الوقت مررنا في كل هذه المراحل إلى أن وصلنا إلى هذه المرحلة في أمن وأمان وتوسع لهذه المدينة التي أصبحت من كبريات المدن في العالم مئة كيلو في مئة كيلو هذه المدينة التي يزيد عد سكانها عن خمسة ملايين نسمة وقد كانت تعد بالآلاف في عدد سكانها.في دراسة تطور أي مدينة من المدن يلجأ الدارس إلى زيارة المتاحف ليرى التحول الذي عاشته تلك المدينة عبر قرون ويرى أنه تطور محدود وتدريجي ، بيد أني أقرأ الرياض وتطورها ليس عبر المتاحف ولكنه تطور قرون في جيل واحد تطور مئات السنين عبر تطور سنوات معدودة ، و رائد هذه المسيرة كلها منذ أن بدأنا معها هو حبيب هذه المدينة رائد هذه المدينة قائد هذه المدينة عراب هذه المدينة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ويكفي أن تذكر الرياض أو تذكر سلمان بن عبد العزيز لأنهما اسمان مقترنان بل يمكن أن يطلق عليهما مترادفان لمعنى واحد فالرياض هي سلمان وسلمان هو الرياض وكل ما يمكن أن نتحدث عنه أو نذكره في الرياض الأمير سلمان يعرف تفاصيل التفاصيل لهذه المدينة جغرافيا وحضاريا وتاريخا وتنمية وتعليما وتطورا فتهديه الرياض حبها ويهديها جهده وإخلاصه وحفاوته ورعايته وهناك تبادل مشاعر وأحاسيس بين الرياض وسكانها وبين أميرها المحبوب فللجميع تحيتي والسلام عليكم ورحمة الله
أ.د. إبراهيم بن مبارك آلجوير
عضو مجلس الشورى ، وأستاذ علم الاجتماع ـ جامعة الإمام